( 1 ) لان الشافعية يجوزون أن يقول المسلم : أنا مؤمن إن شاء الله
وقف التشريع عند هذا الحد ووقف العلماء لا يستظهرون غير المتون ، ولا يعرفون غير الحواشي وما فيها من إيرادات واعتراضات وألغاز ، وما كتب عليها من تقريرات ، حتى وثبت أو رويا على الشرق تصفعه بيدها ، وتركله رجلها . فكان أن تيقظ على هذه الضربات ، وتلفت ذات اليمين وذات الشمال .
إذا هو متخلف عن ركب الحياة الزاحف ، وقاعد بينما القافلة تسير . وإذا هو مام عالم جديد ، كله الحياة والقوة والانتاج ، فراعه ما رأى ، وبهره ما شاهد ، فصاح الذين تنكروا لتاريخهم وعقوا آباءهم ، ونسوا دينهم وتقاليدهم : أن ها هي ذي أوروبا يا معشر الشرقيين ، فاسلكوا سبيلها ، وقلدوها في خيرها وشرها ، وإيمانها وكفرها ، وحلوها ومرها ، ووقف الجامدون موقفا سلبيا ، يكثرون من الحوقلة والترجيع ، وانطووا على أنفسهم ، ولزموا بيوتهم ، فكان هذا برهانا آخر على أن شريعة الاسلام لدى المغرورين لا تجاري التطور ، ولا تتمشى مع الزمن . ثم كانت النتيجة الحتمية ، أن كان التشريع الاجنبي الدخيل هو الذي يهيمن على الحياة الشرقية ، مع منافاته لدينها وعاداتها وتقاليدها وأن كانت الاوضاع الاوروبية هي التي تغزو البيوت والشوارع والمنتديات والمدارس والمعاهد ، وأخذت موجتها تقوى وتتغلب على كل ناحية م ن النواحي حتى كاد الشرق ينسى دينه وتقاليده ويقطع الصلة بين حاضره وماضيه ، إلا أن الارض لا تخلو من قائم لله بحجة ، فهب دعاة الاصلاح يهيبون بهؤلاء المخدوعين بالغربيين ، أن : خذدوا حذركم ، وكفوا عن دعايتكم ، فإن ما عليه الغربيون من فساد الاخلاق لابد وأن ينتهي بهم إلى العاقبة السوآى ، وأنهم ما لم يصلحوا فطرهم بالايمان الصحيح ويعدلوا طباعهم بالمثل العليا من الاخلاق ، فسوف تنقلب علومهم أداة تخريب وتدمير ، وتتحول مدنيتهم إلى نار تلتهمهم وتقضي عليهم القضاء الاخير ( ألم تر كيف فعل ربك بعاد ؟ إرم ذات العماد ، التي لم يخلق مثلها في البلاد ، وثمود الذين جابوا الصخر بالواد ، وفرعون ذي الاوتاد . الذين طغوا في البلاد ، فأكثروا فيها الفساد . فصب عليهم ربك سوط عذاب ، إن ربك لبالمرصاد ) ( 1 ) . ويصيحون بهؤلاء الجامدين دونكم لنبع الصافي ،
( 1 ) سورة الفجر من آية : 6 - 14
والهدى الكريم : لنبع الكتاب وهدى السنة ، خذوا منهما دينكم وبشروا بهما غيركم ، فعند ذلك تهتدي بكم هذه الدنيا الحائرة ، وتسعد بكم هذه الانسانية المعذبة ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الاخر وذكر الله كثيرا ) ( 1 ) . وكان من فضل الله أن استجاب لهذه الدعوة رجال بررة ، وتلقتها قلوب مخلصة ، واعتنقها شباب وهبها أعز ما يملك من الاموال والانفس . فهل أذن الله لنوره أن يشرق على الارض من جديد ؟ وهل أراد للانسان أن يحيا حياة طيبة ، يسودها الايمان والحب والاحسان والعدل ؟ هذا ما تشهد به الايات : ( هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا ) ( 2 ) . ( سنريهم آياتنا في الافاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق ، أو لم يكف بربك أنه على كل شئ شهيد ؟ ) ( 3 )
( 1 ) سورة الاحزاب آية : 21 . ( 2 ) سورة الفتح آية : 28 .