للكآآتب / محمد خالد
--------------------------------------------------
الخطأ خطأ حتى لو كان الكل معه . . والصواب صواب حتى لو كان الكل ضده
( . . .)
في الحساب: واحد واحد = 2
في الحب: واحد واحد = 1
في الإرث: واحد واحدة = 2/1 1
في الزواج: واحد واحد = 3 فما فوق
في سداد القروض البنكية: واحد واحد = 11
في عمليات النصب الإفريقية (مضاعفة الأموال) واحد واحد = صفر
العمليات الحسابية أعلاه، رغم اختلاف نتائجها، صحيحة في سياقها ومعطياتها .
في معرفة الوقت هناك وجهة نظر أيضاً . سُئل المنافق: كم الساعة؟ أجاب: (زي ما بتُؤمر سيدنا) .
عمليات الجمع أعلاه، رغم مرارة بعضها، هي عمليات تتعلق بالفرد، فخطورتها محصورة في أفراد المجتمع، أما عمليات الجمع السياسية فتحمل نتائج كارثية:
واحد (سادات) واحد (بيغن) = كارثة كامب ديفيد 1978
واحد (عرفات) واحد (رابين) = كارثة أوسلو 1993
الأولى أخرجت مصر من دور القيادة للوطن العربي، وأخرجتها من دوائر الصراع العربي الصهيوني، ففقدت بذلك عذريتها النضالية .
الثانية أخرجت القضية الفلسطينية من التعريب، ورمتها في أحضان قُطرية فاقدة المناعة، وأدت إلى الاعتراف ب”إسرائيل” كشريكة في ملكية أرض فلسطين العربية .
هناك إمكانية كارثة ثالثة هي: واحد (عريقات) واحد (نتنياهو) = تجميد الاستيطان مقابل يهودية الدولة، هل تصغر الأهداف إلى هذا الحد، من الشعار الثوري “تحرير كامل التراب الفلسطيني من البحر إلى النهر”، إلى إجبارنا على الاعتراف بيهودية الدولة؟
كل استعمار إلى زوال، وكل استعمار استيطاني إلى اقتلاع، ولكن ذلك لا يحصل تلقائياً بالدعاء العاجز ضد العدو أو بالنبوءات التخديرية بزواله الحتمي، بل بالإرادة الصلبة وقلب موازين القوى لمصلحة المهزوم صاحب الأرض .
نستعيد فكرة موازين القوى الثلاثة: لكي تهزم عدوك هزيمة كاملة، عليك أن تكسر له ثلاثة موازين، ميزان الإرادة (إرادة البقاء)، وميزان القوة وميزان الرعب .
إرادة البقاء هي الحد الأدنى للمهزوم وقاعدته الصلبة لقلب الميزانين الثاني والثالث لمصلحته، حتى ولو لم تتوفر له وسائلهما، لقد انتصرت الثورتان الجزائرية والفيتنامية بفضل الانتصار في الميزان الأول (إرادة البقاء) رغم أن ميزاني القوة العسكرية والتفوق النووي لكل من فرنسا والولايات المتحدة، واستطاعت إرادة البقاء أن تجعل ثمن الاحتلال أغلى من فوائده، فاضطر المستعمران الفرنسي والأمريكي إلى الرحيل في نهاية المطاف .
أين تقف فلسطين من هذه الموازين؟
رغم الفارق الساحق في ميزاني القوة العسكرية والتفوق النووي للعدوين الأمريكي والصهيوني، إلا أن إرادة البقاء لدى الشعب الفلسطيني والشعب العربي من ورائه تشكل القاعدة الصلبة لقلب المعادلة، ولكن ذلك يتطلب عملاً جباراً على رأسه نوعية القيادتين التقسيميتين في الضفة والقطاع وانتاج مقاومة متجددة لا تساوم على شبر واحد من فلسطين ولا تعترف للغزاة الصهاينة بأدنى حق، والرفض الكامل للدعاوى التوراتية العقارية لأرض فلسطين، الله جل جلاله ليس يهودياً، وإله اليهود يهوه إله أرض يتشاجر مع الكهنة اليهود، ويقيمون له محاكمة ويدينونه فيها بالخطأ، ويوقعون عليه الغرامات .
يقول كارل ماركس: “الرب الحقيقي لليهود هو المال” . السلام الوحيد الممكن مع الغزاة الصهاينة هو أن نراهم يركبون البحر عائدين إلى أوطانهم الأصلية كما فعل الصليبيون .
وكما قالت (هيلين توماس) كبيرة صحافيي البيت الأبيض المستقيلة كلمة حق يراد بها حق “حل القضية الفلسطينية هو أن يعود اليهود “الإسرائيليون” إلى بلادهم الأصلية” .
وكما قال بيل كلينتون في زلة لسان “على المهاجرين الروس في “إسرائيل” أن يعودوا إلى بلادهم، لأنهم يخربون مساعي السلام بتطرفهم” .
ليت ياسر عبد ربه الفلسطيني كان أمريكياً ليصحح الخطيئة التي ارتكبها بإمكانية القبول بيهودية الدولة .
قبل قيام الثورة الفرنسية عام 1789 كان الانحطاط السياسي والاجتماعي والاقتصادي والأخلاقي يعم مجتمعاً فاسداً وجسماً مهترئاً يقف على ساقين: تحالف الاقطاع مع الكنيسة، وكانت أفواج الكتّاب والمفكرين تنذر بمجيء الثورة التي أتت سريعاً، وقطعت هاتين الساقين فانهار النظام القائم فوقهما .
من إرهاصات تلك الثورة، جملة قالها أحد الكتاب “عندما يمازح النبلاء خدمهم، فإن الثورة على الأبواب” .
حالياً في الوطن العربي ننتظر إرهاصتين: اجتماعي أساسه الجوع، وسياسي أساسه الكرامة الوطنية .
الأول يكمن في مكان ما في هذا الوطن الكبير، حيث يعز رغيف الخبز على غالبية الناس، وتسودُّ الحياة في وجوههم، ويُقفل المستقبل أمام المواليد الجدد . هل يأخذ الإرهاص شكل انتفاضة جياع أم عصيان مدني؟ أم ثورة طبقة وسطى مطحونة تنزل يومياً من قاع إلى قاع؟
الإرهاص الثاني: هو إرهاص فلسطيني سياسي أساسه الكرامة الوطنية المتفتتة . في خمسينات القرن الماضي، قال بن غوريون أول رئيس وزراء “إسرائيلي” عن الفلسطينيين “ثلثهم سيهاجر، وثلثهم سيموت، وثلثهم سينسى” .
ليطمئن بن غوريون في قبره . . أحفاد المهاجر والميت والناسي يدقون باب فلسطين بالملايين، فحق العودة ناقوس متجدد الذاكرة وغير قابل للنسيان . الإرهاص الفلسطيني ليس الرغيف، بل عودة الوطن إلى أهله، فالنصر النهائي عربي برأس رمح فلسطيني . .
وكما قال الجنرال ديغول: “إن أعظم مجد في العالم هو مجد الذين لم يستسلموا” .